إبداعات خطية ولونية في “حروف من نور” في النادي الثقافي العربي بالشارقة
نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة مساء أمس الأول معرض “حروف من نور” للخط العربي، وهو معرض سنوي رمضاني، ينظمه النادي بالتعاون مع جمعية الإمارات للخط العربي والزخرفة، وحضر افتتاح المعرض الدكتور عمر عبد العزيز رئيس مجلس إدارة النادي وإبراهيم سعيد بطي مدير النادي، والخطاط خالد الجلاف رئيس الجمعية، والخطاطين المشاركين في المعرض، وجمهور كبير من محبي الخط العربي.
ضم المعرض ثلاثين لوحة خطية، ما بين لوحات الخط من الأصيل ولوحات خطية حروفية، وعكست لوحات الخط الأصيل عدة أنواع من الخط، منها الديواني والديوان الجلي والنسخ والفارسي والثلث، وأما اللوحات الحروفية فركزت على البحث في آفاق جديدة عن طريق مزج اللوحة بالألوان أو صناعة تراكيب حروفية بالاعتماد على مرونة الحرف العربي، وشارك فيه اثنان وعشرون خطاطا وخطاطة هم: تاج السر حسن وتمام علي ورهام وهبة وخليفة الشيمي وأنورعبد السلام الحلواني وفاطمة الظنحاني وعايشة السيد وفاطمة المزروعي وأنس زهير الفتوحي وعبد الحق خيال الدين وعبد الجليل حضرت ومحمد حيدر علي ومحمود عبد الكريم العبادي وروعة العطار ورقية محمد علي وشهاب الكعبي وعبير بو إسماعيل وميثم فرحي وسهام العكيلي وناصر الياسي وندى المازمي وأنس فتوحي.
وقال د. عمر عبد العزيز: إن هذا المعرض هو تقليدي سنوي درج النادي على تنظيمه بالتعاون مع جمعية الإمارات للخط العربي، سعيا إلى إغناء أجواء رمضان بإبداعات خطية ونصية أثيرة، ولتعريف جمهور النادي بجديد الجمعية في مجال الخط وتنويره حول الاتجاهات الجديدة في الخط، وهو ما يعكس التزام النادي بالتعاون مع مختلف المؤسسات المحلية لتقديم أنشطة ثقافية نوعية، تفيد أعضاء النادي وجمهوره، وثقف الجمهور وتزيد وعيه بمختلف القضايا في مجال الفن والثقافة، وكذلك تفتح المجال للأدباء والفنانين لتقديم جديدهم”.
بدوره قال خالد الجلاف: إن التعاون مع النادي لتقديم آخر إبداعات الجميعة يأتي في إطار خطة دائمة لدى الجمعية، وهي التعاون مع مختلف الهيئات المؤسسات المحلية الإماراتية من أجل التعريف بالخطاطين والخط العربي وتوسيع دائرة الاهتمام به، وزيادة الإقبال عليه والاستمتاع بعروض جمالياته الفائقة، باعتباره فنا من أرقى الفنون، وإبداعا عربيا أصيلا يستحق أن يثمن ويجد المساحة الخليقة به بين الفنون الكونية.
وثمن الجلاف التعاون الدائم بين النادي وبين جمعية الخطاطين، ذلك التعاون الذي سمح فتح منصة كبيرة للجمهور المحب للخط للتعرف على جديده، ومبدعيه.
المتجول في المعرض تستوقفه جماليات الأعمال التي تستغل مساحات الإبداع التي يتيحها الحرف العربي، وخاصة عنصر المرونة في هذا الحرف، حيث استطاع الخطاطون تطويع نصوص اللوحات لرؤهام الفنية وتصوراتهم التكوينية، فالخطاط تاج السر حسن الذي شارك في المعرض بعدة لوحات ركز على عملية توزيع لونية دمج فيها نصا خطيا أصيلا، فكتب بخط الديواني الجلي الأصيل الدعاء المأثور “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ، وَقَهْرِ الرِّجَالِ”، واستفاد من خاصية الميلان في أحرف الديواني الجلي في صناعة تركيب خطي بعرض محدد ينساب بسلاسة نحو الأعلى كلما اتجهنا إلى طرف اللوحة الأيسر إلى أن ينتهي عند آخر حرف من الدعاء قريبا ركنها العلوي، وقد كتب النص بلون أبيض على خلفية وزرقاء بدجات متعددة، كل درجة تماثل في عرضها عرض الكتابة الخطية نفسها وتحاكيها في تموجها وحركتها المائلة من منتصف اللوحة نحو الأعلى مما أحدث إيقاع لونيا ونصيا جميلا تستقر له العين وهو تتابع إيقاع الدعاء نفسه، الذي يقدم معنى وقائيا يلف الإنسان في جوانبه الجسمية والنفسية.
الخطاطة فاطمة الظنحاني قدمت بدورها لوحة خطية من الديواني الجلي، وكتبت في وسطها البسلمة على شكل دائرة مشغولة بالخطوط وأحاطتها بدائرة مؤلفة من قوسين متقابلين يمينا ويسارا، وعند رأسيهما في الأعلى والأسفل شكل نقطة باللون بالأصفر، وكتبت في كلا القوسين آية مكررة هي: “وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ” المؤمنون (118)، يبدأ القوس الأيمن من الأعلى مع بداية الآية، إلى أن ينتهي في الأسفل ملتحما بالنقطة البينية، ليبدأ القوس الأيسر مع بداية الآية مكررة، إلى أن ينتهي في الأعلى ملتحما بالنقطة البينية، وهكذا تدور العين في انسياب جميل مع حركة الآية والدعاء الكريم الذي هو جماع كل شيء في حياة الإنسان، مغفرة الله ورحمته التي تسع كل شيء، وتتجلى في كل تفاصيل حياة الإنسان الدنيوية والأخروية.
كذلك هناك إبداعات خطية وحروفية كثيرة تستوقف المتفرج في المعرض كثيرة، لا يمكن حصرها، وتستحق أن يوقف عندها، ولا تستوفي جمالها إلا المشاهدة المباشرة.