16 سبتمبر، 2025

شيماء منصور تكتب: بوداعك يا إيمان فقدت جزءاً من روحي وأيقنت أن الحياة ليست عادلة


 

منذ ما يقرب من ثماني سنوات التحقت بالعمل في هيئة تير دي زوم، وكانت تلك المرة الأولى في حياتي التي أحتك فيها بالأخوة السوريين. كانت مديرتي الجميلة مدام ميساء السورية التي لطالما تعاملت معنا بروح الأم أكثر من كونها مديرة.

وفي أول اجتماع لي مع فريق العمل لفتت انتباهي فتاة سورية كانت تتحدث بطلاقة، وفي نقاط مركزة عرضت كل ما جاء في الاجتماع، استمعت إليها بإنصات وانبهار، وما إن انتهى الاجتماع حتى تحولت تلك الفتاة الجميلة إلى روح الفكاهة والمرح، وكانت ضحكتها لافتة وجميلة، أعجبت بها وتمنيت أن تصبح صديقتي، لكن خجلي منعني من الاقتراب منها والتعرف عليها، غير أنها فاجأتني حين جاءت نحوي وبادرت بالتعرف علي، فدخلت قلبي من اللحظة الأولى، يوماً بعد يوم اقتربنا أكثر، حتى أصبحت جزءاً من روحي، ورفيقة دربي وأيامي، بل أصبحت مركز الأمان والطمأنينة بالنسبة لي.

قضينا معاً ثماني سنوات عشنا فيها كل اللحظات، الحلوة منها والقاسية، المضحكة والمجنونة. صنعنا ذكريات تكفي لأعمار إضافية فوق أعمارنا، لم أتخيل يوماً أنها سترحل وتعود إلى وطنها سوريا، لم يخطر ببالي ولو للحظة أنها ستتركني، رغم أن الاحتمال كان قائماً، لكني تجاهلته وطمأنت نفسي قائلة: إيمان ستظل في مصر إلى الأبد.

اليوم قررت الرحيل، فهو القرار الأنسب لها ولعائلتها الجميلة التي أعشقها، رحلت، ولا أدري ماذا أفعل؟ أين سأذهب عندما تضيق بي الدنيا، وقد كان بيتها ملاذي؟ أين سأذهب حين أحتار في قرار مصيري؟ من سيقويني ويدعمني ويجعلني أشعر أنني أجمل فتاة في العالم؟ وحدها كانت تفعل ذلك.

الحقيقة أن قلبي حزين جداً، ولا أستطيع استيعاب أن عناقي الأخير لها كان الوداع قبل الرحيل، نخبر أنفسنا دائماً أننا سنلتقي حتماً، لكن هل هذا مؤكد؟ لا أحد يعلم.

إيمان الجميلة، أو إيمي كما اعتدت أن أناديك، ستظل مكانتك في قلبي حتى آخر يوم في عمري، سأظل أحبك وتحيا ذكرياتنا معي في كل خطوة أخطوها، سأفتقد كلامك، سأفتقد حضنك، سأفتقد ليالينا وضحكاتنا ودموعنا، وسأتذكر دائماً أن الحياة ليست عادلة.

كنت دائماً أؤمن أن الله يرسل لنا بعض الأشخاص كهدايا، يغيرون حياتنا ويجعلونها أدفأ وأجمل، وأنت يا إيمان كنت أعظم هدية في حياتي، علّمتِني أن الصداقة ليست مجرد لقاءات وضحكات، بل هي سند وكتف نتكئ عليه حين نضعف، ويد تمتد إلينا قبل أن نطلب المساعدة، لم أجد يوماً من يفهمني كما كنتِ تفعلين، ولا من يشعر بي قبل أن أتكلم، وجودك بجانبي جعلني أرى الحياة أهون وأخف، والآن برحيلك أشعر أن جزءاً من روحي يرحل معك.

About The Author