نهلة إيهاب تكتب: درامية الفن التشكيلي داخل محراب السينوغرافيا المسرحية
حين نتحدث عن فن تنسيق الفضاء، والتحكم في شكله بغرض تحقيق أهداف العرض المسرحي وتشكيل إطاره الذي تجري فيه الأحداث؛ فإننا بذلك نقف حول مفهوم ومعني “علم السينوغرافيا”.
فهناك علاقة وثيقة بين علم السينوغرافيا والفن التشكيلي حيث إن السينوغرافي يستخدم أدوات ونظريات الفنان التشكيلي، وربما يتفوق عليه في استخدامه للمنظور والمجسمات والكتلة؛ وتوظيف الإضاءة والإطار العام للمنظر المسرحي.
فعلم أو فن السينوغرافيا لا يتصل بالمسرح فقط؛ إنما له علاقة مباشرة بالفنون التشكيلية؛ فهذه الصلة تخلق ثقافة تشكيلية حية، كما تعتبر السينوغرافيا فن متكامل في عناصره يقوم على نقل المجرد وتحويله إلى واقع عن طريق التجسيد وإعادة خلق “الفضاء” من خلال تجسيد النص المسرحي داخل رؤية تتشابك فيها الفنون التشكيلية مع الفنون المسرحية.
كما ترتكز “السينوغرافيا” على مجموعة من الصور السيميائية كالصور الجسدية، الضوئية، التشكيلية، اللفظية وأيضًا الصور الأيقونية؛ ومن ثم فهي تعتبر عملية تطويع لحركة فن العمارة والمناظر بالتناغم مع العلاقات السمعية البصرية بين أجزاء العمل المسرحي.
ولقد أعطي مصمم السينوغرافيا العناية بدرامية الفن التشكيلي، وافسح لنفسه المجال ليتبوأ مكانته ومهمته التشكيلية الدرامية الجمالية، لكي يصبح المسرح أكثر حيوية وإبهارًا حيث تهتم السينوغرافيا دائمًا بفن التنسيق التشكيلي وهارمونية العلاقات المرئية والسمعية بين مفردات العرض المسرحي بأكمله.
فالفن السينوغرافي يعد عملية تطويع لحركة فنون العمارة والمناظر والأزياء والإضاءة، كما اتسع مفهوم السينوغرافيا لينال من تشكيلات جسد الممثل، وكيفية توظيف كل ما سبق لخدمة الفضاء المسرحي، كما يعتبر السينوغرافي هو المخرج الثاني للعرض المسرحي الذي اشتق عناصر تصميمه الصوتية والمرئية واللونية والديكورية أو الأثاثية من خلال النص المسرحي نفسه.
ومن هنا تبرز أهمية الإدراك البصري من خلال “التقاء علم السينوغرافيا مع الفن التشكيلي” في تحليل الإبداعات التشكيلي وبناء الصور المرئية؛ وطرح جماليات جديدة على المستوي الحسي والبصري وخلق فضاءات جديدة بأشكال مختلفة زمانًا ومكانًا من خلال التقنيات الأساسية لتقديم الفرجة الدرامية؛ وبذلك نجد أيضًا أن السينوغرافيا لها تأثير كبير وقوي على مستوي “التلقي” عن طريق إثارة المتفرج ذهنيًا ووجدانيًا.