“بيت روز” متعة فنية مسرحية تهدف للتغيير
من خلال العودة لعالم واقعية الفن وشاعرية الكلمة وصدق الاحساس يطالعنا العرض المسرحي “بيت روز” الذي يقدمه مسرح الطليعة في القاهرة تأليف وإخراج محمود جمال حديني؛ عرضًا مسرحيًا فنيًا يأخذنا في رحلة مع الممثل ومن الممثل باعتباره حقلًا حافلًا بالمشاعر ،الأحاسيس والإنفعالات فالقضية التي يثيرها العرض قضية متعلقة بالمرأة التي بدورها ترمز لما هو أبعد و أشمل من ذلك؛ يطل علينا العرض بأربع فتيات تربطهن صداقة قوية منذ فترة ليست بقصيرة يلتقين في مقهي (كافية) تدور بينهن حوارات ومناقشات حول الكثير من قضايا المرأة فالقضية الرئيسية في العرض تتعلق بفكرة الزواج بحثًا عن السند و الشريك حيث يبدء العرض بمناقشة فتاة علي موعد للقاء بشاب تقدم لخطبتها علي الطريقة التقليدية (زواج الصلونات) تحاول اخذ آراء صديقاتها التلاث فمنهن من تؤيد و تتمثل في (الفتاة المتزوجة) ومنهم من ترفض وبشدة وتتمثل في (الفتاة المنفصلة لأكثر من مرة) وهناك من تتأرجح بين القبول والرفض وتتمثل في (الفتاة التي لم يسبق لها الارتباط بأي شكل من أشكاله) من هنا تطرح العديد من القضايا الأخري مثل ( العنوسة ، العنف الزوجي و نظرة المجتمع للمطلقة ،،،،) كما يتناول العرض قضايا مجتمعية مثل السوشيال ميديا وآثارها علي الطبيعة الإنسانية؛ ومن هنا تخترق طبقات أعمق من معني الوجود الإنساني داخل دائرة الوجود الإجتماعي، فترجم ذلك علي خشبة المسرح من خلال الديكور المسرحي (ذات الشكل الطبيعي لا الهندسي) الذي اعتمد علي منضدة دائرية يجلس حولها الفتيات والجمهور ملتف حولهن في وضع المراقب ‘ المحلل وأحيانًا الحكم الصادر للأحكام فالجمهور هنا بالفعل مشارك في احداث المسرحية وجزء من الديكور المسرحي وقد حرص علي ذلك المخرج والمؤلف للعمل من خلال مشاركة بعض عبارات الممثلين للجمهور.
كما نري علي خلفية المشهد ؛ شاشة عرض متوسطة الحجم تعرض فيلم” الباب المفتوح” للمخرج هنري بركات والذي تم انتاجه عام 1963 بطولة سيدة الشاشة “فاتن حمامة” وهناعرض المخرج المشاهد فقط بدون صوت حتي لا يشتت ذهن المتفرج ويتيح الفرصة لخياله لكي ينسج دلالات جمالية جديدة للعرض المسرحي ؛ كما لو انه اراد ايضًا ان يعيد طرح الكثير من قضايا ومشكلات المرأة التي طرحها الفيلم حين ذلك الوقت ولم نجد لها حلول حتي الآن .
فهذا التكنيك يجعل المتفرج في حالة يقظة دائمة متأملًا ما يحدث ثم مفكرًا ثم مغيرًا ولذلك جاءت جميع عناصر العرض من( ديكور ، موسيقي ، إضاءة ….) متضافرة لخدمة الحدث المسرحي الأهم.
ومن المؤكد ان العنصر الابرز في هذا العرض المسرحي بعد النص المسرحي الرائع الذي ليس بجديد علي كاتبه هو العنصر التمثيلي المعبر بشكل راقِ وبأحساس مفعم بطاقة الممثل الواعي باستخدام أدواته الداخلية والخارجية متمثلًا هنا في بطلاته (سالي سعيد ، سماح سليم ، نادية حسن، هاجر حاتم وبالاشتراك مع مريم عيد ) .
وفي النهاية يقودنا العرض المسرحي “بيت روز” إلي التوغل داخل أعماق النفس البشرية وبالاخص (المرأة) في موقف شعوري يجمع بين بطلاته في محاولة كلًا منهن لخلق حلقة من التواصل مع الذات ، الآخر والمجتمع من خلال مجموعه من الحوارات والمناقشات الصادقة وما يتخللها من شد وجذب وكأنها أسهم من الحقيقة تنفذ إلي اعماق المتفرج لتحقيق مرحلة الوعي المطلوب .