نهلة إيهاب: الدراما الإذاعية “سحر وجداني و شغف فكري”

بالتزامن مع الاحتفال ب”اليوم العالمي للإذاعة” الموافق يوم 13 _2؛ والتي تصنف كواحدة من أكثر وسائل الإعلام استخدامًا في العالم، كما تعتبر”الإذاعة” الوسيلة الإعلامية الأوسع انتشارا؛ فقد تم اختيار هذا التاريخ بالحديد تزامنًا مع ذكري إطلاق إذاعة الأمم المتحدة عام 1946 .
من هذا المنطلق ستناول هنا الدور الفني والإبداعي “للإذاعة” وهو المتمثل في “الدراما الإذاعية ” ؛ فما هي طبيعة ذلك الفن؟
الدراما الإذاعية هي نوع من انواع الفنون ذات الطابع والسحر الخاص؛ المستولد من الدراما بصفة عامة، بمعني أن الدراما الإذاعية مرتبطة إلي حد كبير بدراسة أصل وتطوير الفن الدرامي.
كما أن الإذاعة كشكل جديد نسبيًا شاهده أبناء القرن العشرين ليس مجرد اختراع فقط ‘بل هي وسيلة تعبير ساهمت فيها كل المعارف الإنسانية.
وقد تعددت الأشكال الإذاعية الدرامية بداية من التمثيلية إلي البرنامج الخاص ،إلي الأعداد لقصة أو رواية أو مسرحية أو إذاعة لمسرحية كما كتبت للمسرح.
هذه الأشكال الفنية ارتبطت بظهور الظاهرة الإذاعية وبالتالي فهي تجسيد للأفكار السائدة عند ظهور هذه الظاهرة وتقديمها في قالب فني محسوس حتي تعرف هذه الأفكار طريقها إلي عقولنا وقلوبنا .
فالتمثيلية الإذاعية هي أول شكل من أشكال الدراما الإذاعية ؛ ولقد ظن بعض القائمين عليها في بدء الأمر أنه يكفي أن نضع ” الميكروفون ” في مسرح وندعه ينقل إلي المستمعين أصوات الممثلين ، لكنهم أدركوا بعد ذلك أن طبيعة الإذاعة تختلف عن طبيعة المسرح لأن الإذاعة تعتمد علي حاسة السمع والمسرح يعتمد علي المشاهدة والسمع معًا؛ لذلك حاولوا تعويض المستمع عما يفقده من عناصر الرؤيا .
فكاتب الدراما الإذاعية لا يتوفر له سوي ثلاث عناصرأساسية”الصوت والمؤثرات الصوتية والموسيقي” والبراعة هنا تكمن في أن الكاتب الإذاعي يستطيع من خلال هذه العناصر الثلاث أن يعمل دون عجز عن التعبير الكامل ، بما يدفع المستمع إلي تصور المناظر والأحداث والشخصيات.
كما أن التمثيلية الإذاعية تتفوق علي الأشكال الدرامية الأخري حيث توفر للكاتب حرية الانتقال في الزمان والمكان، وتقديم مالا يستطيع السينما أو التليفزيون أو المسرح أن يقدمه إلا بتكاليف ضخمة.
فالمستمع هنا لن يكون مجرد مشاهد أو مراقب للذي يحدث أمامه كما هو الحال في السينما، التليفزيون والمسرح؛ بل يكون شريكًا في عملية الخلق الإبداعي والتصوري والفكري للعمل الإذاعي باعتبار أنه يستخدم خياله لتصور ما يحدث؛ وبالتالي سيكون تقبله للتجربة الفنية أكثر كمالًا لأنه مشترك في الموقف الدرامي.
فبرغم أن الدراما الإذاعية تعتمد علي القوة السمعية علي مستوي “البعد المادي” المحسوس ولكنها بنفس تأثير القوة البصرية علي مستوي “البعد النفسي” الشعوري والوجداني عند المتلقي “المستمع”.
فهي دائمًا تسعي لتشكيل الوعي الجمالي والمعرفي والحسي من خلال أعادة خلق “المستمع” للمحتوي الإذاعي .